حلي المرأة النوبية
حلى المرأة النوبية ليست مجرد قطع من الذهب أو الفضة، كتلك التى تتزين بها النساء، ولكنها قطع تحكى تاريخ تطور، وإبداعات بشر عشقوا الجمال فى كل شيء، حتى فى حُلى المرأة.
وتتنوع أسماء تلك الحُلى، سالبة عقل المتتبع لها، ما بين «الجكد»، و«الزمام»، و«الكردان»، و«الزيتونى» وغيرها من الأسماء، التى تزيد بشرة سمراوات النوبة، تألقاًً وبريقاً تحت لمعان حليهم الذهبية، مما جعل مصممة الحلى والمجوهرات المصرية الشهيرة عزة فهمى تصفها بالقول: «حلى النوبة كنز من كنوز الحلى فى مصر».
«القرط» أو «الحلق» بلغتنا الدارجة، هو الأكثر شيوعاً بين النساء هناك، تمتلكه الفقيرة والغنية.
ولذا يتنوع اسمه وتصميمه أيضاً، فهناك «القرط البلتاوى» أو «الزمام»، ويتخذ من الهلال تصميماً، تزينه الزخرفة النوبية التقليدية، من خلال مثلثات متجاورة فى صفين، مصنوعة بطريقة النقش بالأقلام، أو المقاطع فى خطوط غائرة، والمساحات الناشئة بين المثلثات تكون هى الأخرى مثلثات.
ويعتبر هذا القرط من الحلى الأولية فى بلاد النوبة، وكان يصنع حتى وقت قريب من الفضة، ولكن بعد هجرة النوبيين عقب بناء السد العالى، اختفى القرط الفضة، وتحول إلى ذهب.
هناك أيضاً «أوكن تميم» أو «قـــــــرط الفــــــــدو»، وهو قرط ذهبى على شكل الهلال أيضاً، ولكنه أصغر حجماً ووزناً، من أقراط «البلتاوى»، ويُعلق فى أعلى عظمة الأذن. ويزخرف الهلال بثلاثة صفوف متتالية من المثلثات المحفورة، فى وسطها تاج، تحيط به من الناحيتين أوراق أغصان نباتية وزهور.
أما «قرط عكش» فهو قرط مزخرف برموز وزخارف بارزة، ترى فى وسطها طاووسين متقابلين، بينهما صف رأسى من ثلاث وحدات شبه هندسية، على قمتها، سعفة نخيل.
ويبدع النوبيون فى زينة نسائهم فلا ينسون الرأس، تاج المرأة وقمة زينتها، فيصنعون «حلية الشاوشاو» من الفضة لتعلق على جانبى الرأس، فتسدل بجوار الأذنين حتى تصل إلى الأكتاف، ويصل بين طرفى الحلية، شريط يمر ويثبت فوق الرأس.
الأجيال الحديثة لا تمتلك تلك الحلية الفضية، ولكنهم قلدوها بأخرى صنعوها على شكل أشرطة من الخرز، تعلق فى الشعر وتتدلى على جانبى ومؤخرة الرأس حتى الأكتاف.
وفى حلى نساء النوبة ما يعرف باسم «فضة الرحمن» وهى حلية ذهبية للجبهة، مزخرفة يتم ارتداؤها مع حلية أخرى للرأس تسمى «الرسان» وهى عبارة عن سلسلة، تتدلى منها 12 وحدة صغيرة بشكل مخروطى تشبه كل منها زهرة اللوتس، وفى أسفلها هلالان متجاوران، تعلو كلا منهما نجمة صغيرة.
ولا تنسى اليد النوبية إبداع حلى العنق، ومنها «قلادة البيق» وهى قلادة تشبه الكردان إلى حد ما تصنع من عيار 21 وتتكون من 6 خطوط مسطحة مخروطية الشكل، عليها رموز وزخارف بارزة لأهــلة ونجــوم، تتوسط الجزء الأعلى منها نجمة خماسية، وفى وسط القلادة دلاية مستديرة عليها تشكيل بالبارز، تسمى «ما شاء الله»،
ويأتى الحديث عن خلخال القدم الذى يسمى بالنوبى «الحجل» ويصنع من الفضة على شكل دائرة مفتوحة عند طرفيها تزينه بعض النقوش الغائرة، أما طرفا الخلخال، فهما عبارة عن رأسين كل منهما مكعب أجوف مشطوف الزوايا، يشبه الحبة المثمنة.
وتتأتى الخصوصية الثانية لدى المرأة النوبية فى ملبسها، الذى يتميز بقطعة تطلق عليها «الجرجار»، وهو عبارة عن رداء شفاف من قماش الشيفون أو الدانتيل الأسود المطرز يمتا بأكمام واسعة، وطويلة تتجاوز رسغ اليدين، وينتهى بأطراف «مكشكشة».
يزيد طول الجرجار من الخلف، ليدارى أقدام المرأة النوبية عند السير به، بينما لا يتجاوز طوله كعب المرأة من الأمام. وللجرجار طرحة من نفس نوعية القماش المصنوع منه، طولها متران وتلف حول الرأس فتغطى الكتفين والصدر، وتظهر دائرة الوجه فقط.
«وفاء» ابنة شقيقة عم دهب أكدت لنا حرص المرأة النوبية على ارتداء الجرجار خاصة فى المشاوير البعيدة، فهو جزء من حشمتها وثقافتها، مشيرة إلى أن سعر القماش الخاص بالجرجار، يتجاوز 200 جنيه، بينما تتكلف الخياطة 30 جنيهاً.
ورغم استمرار «الجرجار» كسمة من سمات ملابس النساء فى النوبة، فإن هناك تراجعاً واضحاً، على حد وصف النساء الكبيرات، فى ارتدائه من قبل شابات النوبة وذلك لعدة أسباب، أهمها غلاء سعره مقارنة بسعر العباءات الخليجية التى باتت تفضلها نساء النوبة لتعدد تصميماتها.