كيف أصبحت مؤسسة توني إيلوميلو نموذجا ملهما للمبادرات الناجحة؟
عام ٢٠١٠ أنشأ الملياردير النيجيري توني إيلوميلو مؤسسة مستقلة، وخيرية غير هادفة للربح تحمل اسمه، وتركز على بناء وتعزيز قدرات قيادات الأعمال والشركات في أفريقيا عبر التوجيه، والإرشاد، والمنح المالية، والدراسية، لرواد الأعمال.
ويؤكد ايلوميلو على أن الــ africapitalism أو "الرأسمالية الأفريقية" هي الطريق أمام القارة السمراء لتحقيق الطفرة الاقتصادية، وهي الفكرة التي ترى ضرورة إطلاق ودعم قدرات القطاع الخاص ورواد الأعمال الأفارقة، وأصحاب الشركات الصغيرة، والمتوسطة الحجم ،وتمكينهم من قيادة وتحقيق النمو الاقتصادي المنشود علي مستوي القارة ذات الأغلبية السكانية من الشباب، فهم الأجدر علي خلق فرص العمل، وتحقيق النمو، وقيادة الابتكار وحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في مجتمعاتهم بأكثر من قدرة الحكومات ووكالات المساعدة الدولية.
ولتحقيق تلك الرؤية أطلقت مؤسسته في عام ٢٠١٥ برنامجا خيريا طموحا مدته عشر سنوات بتكلفة ١٠٠ مليون دولار لمواصلة دعم المشروعات في أنحاء قارة إفريقيا، باسم برنامج توني إيلوميلو لريادة الأعمال، ويهدف لتقديم التدريب والتوجيه لـ "عشرة آلاف" من الشركات الناشئة ورجال الأعمال الأفارقة خلال مدة البرنامج، إضافة إلى توفير رأسمال أولي عبارة عن ٥ آلاف دولار كمنحة لا ترد لكل من تلك هذه الشركات لتحفيزها، ومساعدتها على النمو والربحية.
ويسعي توني ايلوميلو بفلسفته الجديدة الي تحقيق"مؤسساتية الحظ"، وأيضا "ديموقراطية الوصول للفرص"، من خلال السعي لانتقاء الأفكار الاقتصادية، والتكنولوجية الأفريقية الجديدة ،والرائدة ودعمها لتحقيق المزيد من النمو وخلق المزيد من الفرص والثروات، ويهدف برنامج مؤسسته والذي يستمر علي مدي السنوات العشر، الي خلق مليون فرصة عمل، وإضافة ١٠ مليارات دولار من الإيرادات إلى اقتصاد أفريقيا.
ودورة بعد أخرى تتزايد نجاحات المؤسسة وبرنامجها الذي أصبح أكبر برنامج و منتدي لدعم ريادة الأعمال علي مستوي القارة يجمع سنويا أعلي النخب من قادة الأعمال، و الاقتصاديين، وأصحاب الشركات الأفريقية، و السياسيين ورؤساء الدول المدعوين من دول عديدة داخل القارة وخارجها، بل وتجاوزت تلك النجاحات المحيط الأفريقي وجذبت انتباه مؤسسات تمويل،وجهات دولية عديدة بدأت في عقد الشراكات مع مؤسسة توني ايلوميلو.
وتشهد الأرقام علي حجم هذا النجاح المتزايد والملهم علي مستوي القارة ففي العام الماضي وخلال دورتها الرابعة دشنت المؤسسة موقع TEF CONNECT"" الذي يعتبر أكبر منصة رقمية على مستوي العالم لرواد الأعمال، لتجميعهم، وتمكينهم من تبادل الأفكار والخبرات، وربطهم برجال الأعمال، وتوفير أدوات النجاح من الاستشارات والخبرات الفنية لهم، ومساعدتهم على الترويج لأعمالهم لزيادة فرص الاستثمارية، وزادت أعداد رواد الأعمال الذين تدعمهم المؤسسة من ١٠٠٠ الي ١٤٧٠ شخصا لدعم جهودها وزيادة نشاطها في دول القارة.
وكدليل علي النمو الكبير والثقة في المؤسسة ونشاطها الحيوي قفز عدد رواد الأعمال الذين ستدعمهم المؤسسة فنيا وماليا هذا العام الي رقم قياسي ضخم حيث تم الاعلان عن دعم ٣٠٥٠ شخصا هذا العام، بزيادة ٢٠٥٠ شخصا، بفضل الشراكات مع مؤسسات دولية وإقليمية حرصت علي تقديم الدعم لأنشطة المؤسسة لمساعدة اقتصادات الدول الأفريقية ومن هذه المؤسسات : بنك التنمية الافريقي،والمؤسسة الدولية للتمويل، والبنك الإفريقي للتصدير والاستيراد"افريكسيم بنك"، وبنك التنمية الأوروبي، وهيئة المساعدات الأمريكية في نيجيريا، برنامج الأمم المتحدة للتنمية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والوكالة الألمانية للمساعدات الدولية،وبعض حكومات الولايات في نيجيريا، ويؤكد توني ايلوميلو علي أن "التعاون والشراكات مع تلك المؤسسات الدولية يعكس الاعتراف الكبير بما نقوم به ونؤمن به جميعا وهو أن دعم ريادة الأعمال هو الطريق الأكثر فاعلية لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة بالقارة، وكيف أننا أصبحنا في هذا الموضوع نموذجا يحتذى".
وبفضل تلك الشراكات الدولية حققت أعداد الطلبات المقدمة للمؤسسة قفزات ضخمة من ٩٣ ألف طلب عام ٢٠١٧، إلي ١٥٢ ألفا عام ٢٠١٨، ليصل العدد هذا العام إلي ٢١٦ ألف طلب من ٥٤ دولة في أنحاء القارة السمراء، ومن اللافت أن ٥٤٪ من تلك الطلبات هذه الدورة كانت للنساء، بزيادة تقدر بـ٤٥٪ عن العام الماضي، مما يعكس سعي المؤسسة أيضا لإتاحة الفرص بشكل متزايد للمرأة باعتبارها شريكا ضروريا وفاعلا قويا في الاقتصاد الأفريقي، ووصل عدد رواد الأعمال الذين فازوا بدعم المؤسسة الي ٧٥٢٠ وهو ما يعني الوصول لثلثي العدد الذي تستهدفه بينما قطعت فقط نصف الطريق في برنامجها الطموج علي مدار السنوات العشر مما ينبئ بتحقيق المزيد والمزيد من النجاحات.
كما كانت المؤسسة من أهم المدعوين للمشاركة كأهم المبادرات علي مستوي القارة في مجال دعم ريادة الأعمال في منتدي أفريقيا في ديسمبر٢٠١٧ بشرم الشيخ، وجلس رئيسها توني إيلوميلو الي جوار الرئيس عبدالفتاح السيسي وبول كاجامي رئيس رواندا خلال جلسة "تعزيز ريادة الأعمال في أفريقيا"، و تكرر ذلك الحضور القوي الي جوار الرئيس المصري خلال نفس المنتدي في ديسمبر عام ٢٠١٨.
وتقدم مؤسسة توني ايلوميلو خدمة كبيرة لاكتشاف وتقدير ودعم رواد الأعمال المصريين علي سبيل المثال الذين يساهمون في برنامجها السنوي منذ انطلاقه، وللعام الثالث علي التوالي تم اختيار خمسة مصريين من رواد الأعمال هذا العام لتلقي الدعم الفني والمالي من البرنامج وهم (نورهان نهادى موسى-صابرين مرسي عبد الله مرسي-عبداللطيف محمود السيد - عبدالعزيز محمد أحمد -الشرقاوي علي نبيل )، حيث تحرص المؤسسة سنويا علي اجتذاب واختيار رواد الأعمال المتميزين للغاية من مصر، للمساهمة الايجابية في نشر ثقافة دعم وتمكين رواد الأعمال في بلادنا كما في باقي دول القارة، كما تم اختيار شاب مصري ضمن أهم خمس أفكار ومبادرات متميزة للمؤسسة خلال منتداها عام ٢٠١٧، وسيشارك الفائزون المصريون الخمسة في أعمال الجولة الخامسة لمنتدي المؤسسة هذا العام ، والذي سيقام للمرة الأولي في العاصمة النيجيرية أبوجا يومي ٢٦-٢٧ يوليو ، بعد أن كان يقام سنويا بمدينة لاجوس خلال الدورات الأربع السابقة لمنتدي المؤسسة.
ورافق نجاح المؤسسة وعززه منذ انطلاقها انفتاحها وحرصها علي اشراك الاعلام الأفريقي والدولي بمختلف آلياته ومنصاته في كل خطواتها وأنشطتها، مما ساعد علي تعزيز التواصل الشخصي والمهني والمستمر بين الإعلاميين في الدول الأفريقية بشكل أساسي عبر المنصات الإليكترونية الخاصة بالمؤسسة سواء فيما يتعلق بأنشطتها المختلفة، أو غيرها من التغطيات الصحفية المتعلقة بشئون القارة بشكل عام، وهو بحد ذاته إنجاز كبير ومتواصل، لم تحققه أية منظمة، أو رابطة احترافية للصحافة علي مستوي القارة السمراء، وهو انجاز يضاف لقائمة النجاحات التي حققتها المؤسسة الأفريقية المتميزة.
كما أن تلك المؤسسة الرائدة، والتي بدأت بمبادرة شخصية وخيرية من رجل أعمال أفريقي فذ، تعتبر نموذجا ملهما للمساهمات الناجحة اقتصاديا واجتماعيا لرجال الأعمال في تنمية مجتمعاتهم علي مستوي القارة الأفريقية ، ودليل علي أن تضافر جهود القطاع الخاص، في ظل دعم ورعاية الحكومات هو السبيل الوحيد لتحقيق التقدم والنمو الاقتصادي في المجتمعات الأفريقية.