ريادة الأعمال.. هل تغلق مدرسة الاقتصاد القديمة؟
عندما سئل ستيف جوبز ذات مرة عن الأفكار الخالية التى تمتعت بها آبل طوال تاريخها قال "إن من يعمل فى الشركة ليسوا مبرمجين فقط بل شعراء ورسامين ومهندسين ينظرون للمنتج من زوايا مختلفة لينتجوا فى النهاية ماترونه أمام أعينكم..فتأثير ريادة الأعمال غالباً لايمكن توقعه".
فريادة الأعمال ماهى إلا أسلوب نوعى فريد يدفع فى الاقتصاد بجيلا جديدا من الشركات الصغيرة والمتوسطة فى قطاعات إستراتيجية يمكن تطويعها لبناء أفكار ومعطيات جديدة على المدى القصير وأصبحوا يشكلون قاعدة راسخة لأى إقتصاد قوى حيث تعد التجربة المصرية فى هذا المجال ماهى إلا بداية جديدة فى التعامل مع الأفكار الناشئة والإبتكارات الشابة خاصة فى ظل الإقبال الواضح على دعم ريادة الأعمال من مختلف الأصعدة سواء من خلال "صناديق الإستثمار على" المخاطرة" بتخصيص جزء من إستثماراتها فيما يطلق عليه "رأس المال المخاطر" أو فى تحول الشباب فى تدشين شركات خاصة بهم تقوم فيما بعد بتوفير فرص عمل لشباب إخرين من الخريجيين الجدد أو أخيراً عن طريق الحكومة التى بدأت على إستحياء فى دعم تلك الفئة الجديدة من الشباب.
وعلى غرار كثير من النماذج العالمية والكيانات الضخمة اتجه الشباب المصرى من الخريجيين وأًحاب الأفكار إلى انشاء وحدات مصغرة للشركات الكبيرة التى يطمحون للعمل بها لتحاكى الإحتياجات العالمية وتوظيف الأدوات التقنية بها بهدف استيعاب العمالة الزائدة وتحقيق التنمية الاقتصادية يأتى ذلك فى ظل تمسك الحكومة بالمدرسة الاقتصادية القديمة التى تعتمد على جذب الاستثمارات للمشروعات الكبرى وتمويل الكيانات العملاقة مثل البترول والحديد وغيرها باعتبارها الشكل الأمثل للتنمية الاقتصادية .
وقال الدكتورة دينا المفتى المدير التنفيذى لمؤسسة إنجاز أن تحقيق ريادة الأعمال للتنمية الاقتصادية المنتظرة يتوقف على طريقة التعامل مع رواد الاعمال وخلق بيئة متكاملة ونظتم شامل يدعم الفكر الريادىمن تعريف ريادة الأعمال إلى القوانين الحاكمة لها مشيرة إلى أن خلق بيئة عمل تدعم ريادة الأعمال هى الخطوة الطبيعية فى الأزمات الإقتصادية لأن الاقتصاديات الكبرى تعتمد على عناصر صغيرة من الشركات الناشئة لتساعدها على الإستمرارية والنمو وكما توفر الاقتصاديات العملاقة حماية خاصة لتلك الأفكار بما يخلق نوع من التكافل بين المراحل المختلفة لريادة الاعمال .
وأضافت أن الدراسات العالمية تشير إلى أنه على الرغم من تركيز الاقتصاديات العالمية على دعم الشركات المتوسطة والصغيرة أظهرت الشركات الناشئة والمعتمدة على الفكر الريادى فى أعمالها تحقيق نجاحات اكبر فى وقت أقل خلال سنوات عمل قليلة بما دفع التوجه الاقتصادى العالمى إلى التركيز على ريادة الاعمال كأحد الموارد الاسياسية لتطوير الوضع الاقتصادىوخلق فرص عمل لفئة الشباب .
وفقا لنتائج مؤشر ريادة الأعمال 2018 الصادر عن معهد ريادة الأعمال و التنمية العالمية (GEDI) احتلت مصر المرتبة الـ11 عربيا والـ76 عالمياً فى مؤشر ريادة الأعمال حيث تصدرت الولايات المتحدة الأمريكية الإصدار العالمى واحتلت قطر صدارة الترتيب العربى فى المركز الـ22 عالمياً .
من جهته أوضح هانى الجبالى مدير تطوير معامل إحدى شركات تكنولوجيا المعلومات أن التركيز على الإبداع يجب أن يبدأ من المرحلة الجامعية الانتقال بالشباب الى التفكير خارج الإطار العام الذى اعتادت عليه مصر والبناء على الاحتياج العالمى والتحولات المستقبلية خاصة أن العالم يشهد تحولات كبرى خلال المرحلة الحالية وبالتالى يجب ألا تعتمد مصر على جانب واحد انتهى العالم من التفكير الابداعى فيه لأن أزمة مصر فى الأفكار التى من المفترض أن تصل بها إلى مردود جيد يمكن أن ينعكس على حل المشكلات التى تواجهها .
وأشار الجبالى إلى ضرورة توفير الحكومة البيئة التشريعية المناسبة للاستثمار فى الافكار الشابة مثلما استطاعت الصين تحفيز وتنمية المشروعات الصغيرة والناشئة بدلا من محاولات جذب الاستثمارات الكبرى وهو مايفرض على الحكومة تعديل القوانين والتشريعات اللازمة لتشجيع عملية الاستثمار من قبل الشركات الناشة فضلا عن تقديم التسهيلات اللازمة أكثر من الاستثمار المباشر فى انشاء مراكز للأبحاث .
وتابع الجبالى أن أهمية الخروج إلى التفكير العالمى والنظر إلى الأفكار من منطلق إمكانية التطبيق فى أكثر من سوق وبالتالى يمكن جذب استثمارات هائلة للفكرة من خلال طرحها عالمياً وامكانية الاستفادة فى أى مكان بالعالم دون التقيد بنطاق جغرافى معين مؤكدا على لأن أهم محور يجب على رواد الأعمال الالتزام به هو طريقة التخارج من مشروعاتهم وشركاتهم وتسويق أفكارهم الخاصة خلال (3-4) سنوات على الأكثر وطريقة ذلك فى ظل القوانين الحاكمة للتخارج من الاستثمار .
وأضافت هبة جمال خبيرة ريادة الاعمال والاستثمارات الناشئة أن مجتمع الاستثمار بريادة الاعمال يقوم على الدعم المتواصل من الاكبر سنا إلى الاصغر سنا حيث يقوم الجيل الاكبر من المطورين ورواد الاعمال بتطوير شركاتهم والنجاح بهاثم يأتى الدور على الشركات الأصغر التى يقوم الجيل الاول بدعمها فى سلسلة متكافئة من رواد الاعمال تستهدف خلق نوع فريد من المجتمعات والفكر الاقتصادى –الجديد نسبيا- على السوق المصرى.
وبدأت أولى تجارب الحكومة المصرية لدعم ريادة الاعمال عام 2010 مع الاعلان عن افتتاح مركز الابداع ويادة الاعمال والذى اعتمد على توفير التمويل اللازم والخبرات الفنية والتى تساعد الشركات على بهدف الاستمرار والنمو فيما يطلق عليه "مسرع أعمال".
ولفت المهندس محمد عبد الوهاب رئيس مجلس إدارة المنطقة التكنولوجية بالمعادى أن التوجه الحكومى خلال المرحلة المقبلة ستعود بوصلته إلى تكنولوجيا المعلومات خاصة مع التزام وزارة الإتصالات بوضع استراتيجية جديدة للتعامل مع الافكار الناشئة او ريادة الاعمال موضحا أن الاقتصاديات التى استطاعت تحقيق قفزات متتالية مثل كوريا الجنوبية وماليزيا واندونسيا ركزت على خلق نظام متكامل لدعم ريادة الأعمال .
ونوه عبد الوهاب ان الوزارة تسعى لمحاكاة تلك النماذج فى السوق المحلية من خلال التعاون بين القطاع العام وصناديق الاستثمار والمستثمرين لتأسيس "ايكو سيستم " لدعم ريادة الاعمال مشددا أنها شتعتمد على زرع الفكر الريادى داخل المنطقة التكنولوجية بالمعادى من خلال تدشين مؤكزا للابداع وسط الشركات العالمية العاملة بالمنطقة تقوم عليه الوزارة تقوم عليه الوزارة وعدد من صناديق الاستثمار ليقوم بدور الحضانة للأفكار الناشئة معتمدا على خبرات المستثمرين فى اختيار الأفكار الجادة لتبنيها فى المركزبمساهمات 15% للحكومة و85% للقطاع الخاص.