الذكاء العاطفي.. فن إدارة العلاقات مع الأخرين
الذكاء العاطفي يُعد مصطلح حديث إلى حدٍ ما، ومعناه هو أن يستطيع الفرد أن يدير عواطفه الخاصة ويتحكم فيها بحيث ينتقي أفضل ما بها، بحيث تناسب الموقف الذي يتعرض لها، وقد إرتبط هذا المصطلح بـ ”دانيال كولمان“ وهو الذي وضع التعريف الأول لما يسمى بـ الذكاء العاطفي فقال عنه أنه مقدرة فرد على أن يعرف العواطف الخاصة به والعواطف الخاصة بالآخرين.
تاريخ الذكاء العاطفي
أول من قام بإكتشاف مفهوم ” الذكاء العاطفي Emotional Intelligence “ هو ” تشارلز داروين “ فقد قام بالإشارة إلى الأهمية القصوى للتعبير العاطفي من أجل أن يبقى الإنسان، وقد إستخدم تشارلز هذا المفهوم في العديد من التطبيقات لكي يحل بعض المشاكل من خلال ما يُعرَف بالذكاء العاطفي.
وهذا من خلال تجاربه التقليدية، لكن مع حلول عام ألف وتسعمائة الميلادي بدأ العلماء يهتمون بالجانب الحسي للمصطلح، فنجد أن العالِم ” ثورندايك “ قام بإستخدام مصطلح مشابه له وهو ” الذكاء الإجتماعي “ الذي كان يهدف به وصف المهارات الخاصة للآخرين وفهمها من الفرد حتى يستطيع إدارتهم.
وكذلك إهتم الباحث ” ديفيد كسلر “ في عام ألف وتسعمائة وأربعون بالعوامل الغير فكرية التي تتعلق بالسلوك الإنساني الذكي، حتى يتم معرفة كيفية قيادة الآخرين.
الأهمية الكبيرة للذكاء العاطفي في مجال التعليم
من خلال تطبيق هذا المصطلح في العديد من الأعمال مثل إدارة الشركات والمصانع وحتى المناصب القيادية، يستطيع الفرد أن يبني ويطور قدرات خاصة عاطفية لديه، وهذا ينطبق على المُعلم حيث أن مهمته هى إدارة الطالب ومعرفة ما يجول في نفسه من مشاكل نفسية مثل السلبية في المواقف وعدم الثقة في النفس والشغب وكل الصفات التي يتميز بها الطلاب هذه الأيام.
وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن الذكاء العاطفي من الممكن أن يحل خمسة وثمانون في المائة من المشاكل التي يواجهها أي مسئول، وهذا ينطبق أيضاً على المعلم، فعندما يدرك أهمية الذكاء العاطفي سوف يستطيع أن يتعرف على المهارات الخاصة بكل طالب، وهذا سوف يثبت لنا أن المهارات التقنية ليست هى أهم شيء وأكثره تقدماً.
فلا تزال المشاعر والعواطف هى من تتحكم في الفرد وتستطيع أن تجعل غيره يؤثر فيه، وعندما يتقن المعلم المعرفة بالذكاء العاطفي سوف يتمكن من التالي
عندما يتعرف المعلم على طبيعة مشاعر الطلبة وما هى تلك المشاعر وكيفية التفاعل معها والتصرف فيها، سوف يجعل هذا الطالب يشعر بالإنتماء إلى المدرسة والمعلم، مما يحسن من تحصيله الدراسي.
عندما يعلم المعلم ويتعامل مع مشاعر الطلبة ويعرف ما يجعلهم يشعرون بإحباط نفسي أو معنويات مرتفعة، هذا سيجعله يتمكن تماماً من رفع مستوى الطالب وخاصةً بعد تحسن نفسيته.
عندما يمتلك المعلم الوعي الكافي بالعواطف والمشاعر والمهارات، سوف يساعده ذلك على بقاء الطلبة بأفضل حالاتهم الإيجابية، مما يجعلهم مُقبلين على التحصيل بقدر كبير.
صفات الشخص الذي يتمتع بالذكاء العاطفي
هناك عدة صفات من الممكن للإنسان أن يتعرف من خلالها على الشخص الذي لديه موهبة الذكاء العاطفي وهى كالتالي:
دائماً من لديه فهم لعواطف الآخرين يتمتع بفهم أوضاعهم وأحوالهم ويتعاطف معهم، خاصةً عندما يواجهون صعاب أو مشاكل أو مصائب.
الشخص الذي يتمتع بهذا النوع من الذكاء، في الغالب سوف يكون لديه أصدقاء كثيرون، لأنه يعرف كيف يحافظ على هذه الصداقة بإيجابية.
الشخص الذي يتمتع بهذا الذكاء له قدرة غريبة على أن يفض أي نزاع أو خلاف قد يحدث بينه وبين المحيطين به بسلاسة وسهولة، وكذلك بين ما يحدث حوله من خلافات بين أفراد أخرين.
يستطيع من يتمتع بالذكاء العاطفي أن يعبر عن مشاعره حتى وإن إختلطت عليه مع مشاعر أخرى.
الفرد الذي يتمتع بهذه الموهبة قادر على أن يواجه كل مشاكله بمنتهى الثقة بالنفس، ويستطيع أن يتكيف مع أي موقف إجتماعي من الصعب أن يعيش فيه غيره.
من لديه ذكاء عاطفي يميل دائماً إلى أن يستقل برأيه ويحاول أن يفهم كل الأمور المحيطة به.
كيف تكون شخص لديه ذكاء عاطفي؟
من الممكن على أي إنسان أن يكتسب موهبة الذكاء العاطفي من خلال عدة نقاط، وهى كالتالي:
الدين هو الأساس الأول لحياة أي فرد؛ فبدونه لا وجود للإنسان ولا قيمة حقيقية له، لذلك المعاملة كما أمرنا الدين هى أول الطريق لإكتساب هذا النوع من الذكاء، فعامل الناس بما يجعل الله سبحانه وتعالى راضي ومن ثَم سوف يرضى الناس.
من خلال إكتشافك لنفسك وإدراك قيمتك ومكانتك وتعزيز الثقة في داخلك سوف تكون قد حققت نصف معرفة الذكاء العاطفي، فكيف ستفهم من حولك وأنت لا تفهم نفسك؟
إذا لاحظت أن هناك إشخاص في حياتك يتصفون بصفات ذميمة مثل الغدر والخيانة، لابد أن تبتعد عنهم فوراً لأن هؤلاء الأفراد سوف يقتلون بداخلك أي ذكاء عاطفي، لأنهم أشخاص متلونون لا ينفع معهم أي نوع من الذكاء، لذلك حتى لا تختلط عليك الأمور وتتزعزع ثقتك بنفسك في الحكم على الآخرين إبتعد عن هذه الفئات من البشر.
لابد على كل إنسان أن يبحث لنفسه عن مكانة كبيرة، في مجال يحبه، لأن شغف الإنسان الحقيقي ليس تحقيق النجاح فقط، بل القيمة التي تأتي مع النجاح، وهى التي تعطي للإنسان مكانة متميزة في مجتمعه مما يجعل المحيطين به كثيرون فيستطيع أن ينمي ذكاءه العاطفي ويتعرف على كل ما يوجد بداخلهم.
يٌعد سر الذكاء العاطفي الوحيد الذي تستطيع به أن تكون متمتع بهذا الذكاء فعلاً، هو أن تكون صادق في الكلام ولست جارح، فعندما تمتلك الحُجة في كلامك ومن أمامك على خطأ، حاول أن تنتقي إسلوبك بحيث يكون رفيق ولين، وابتعد تماماً عن الهمجية والعصبية، وتحلى بالصبر وضع نفسك دقيقة أمام من تتحدث معه في مشكلته وابتعد عن النقد لمجرد النقد، فهذا ينفر الآخرين منك ويبعدهم عنك.
إحرص على أن تنشئ العديد من العلاقات الإجتماعية الإيجابية، وقم بإختيار هذه العلاقات بحيث تكون مع أشخاص ذو قيمة وتفكير راجح وحكمة كبيرة
عليك أن تتعامل مع الآخرين بتعاطف وخاصةً فيما يمرون به من أزمات، وتجنب تماماً ما يؤذي المشاعر عند الآخرين، هذا سوف يجعلك تكتسب ثقتهم، ولا تقوم بدور المحلل النفسي لأن البشر يتأثرون بما يمرون به من مواقف، ولا تتعامل مع أحد بأنه ناقص الشخصية أو جاهل ثقافياً، بل قم بإشعار من أمامك بأنه على قدر من المعرفة وأنك إكتسبت معلومة منه لم تكن تعرفها من قبل، وهذا ليس نفاق بل أنه من أدوات إكتساب الثقة لدى الآخرين.