من الألف للياء| دليلك لاختيار اسم جيد لمشروعك (brand name)
كتب - محمد حسام خضر
من أول الأمور التي يبحث عنها مؤسسو المشروعات الجديدة، والشركات الناشئة، اختيار اسم للمشروع تتوفر فيه مجموعة من المعايير والصفات التي تساعد في نجاح المشروعات الجديدة وتكون عامل جذب للعملاء المستهدفين، وتجيب هذه المقالة عن مجموعة من الأسئلة التي تشغل فكر رواد الأعمال عند اختيار اسم لمشروعهم الجديد.
س/ هل الاسم عام أكثر من اللازم؟
ج/ بما أن أهمية اسم مشروعك تكمن في أن يتعرف العملاء عليه عندما يسمعونه أو يشاهدونه وأن يتذكروه بعد أن يرتبط في أذهانهم بمنتج معين بمستوى جودة معينة،إذن إذا كان الاسم عاما أكثر من اللازم وغير مميز فلن يتحقق هذا الهدف.. عندما أنشأ تريب هوكينز شركة برمجيات للألعاب سماها "Amazin' Software"، ذلك الاسم العام يمكن أن تطلقه أي شركة على نفسها كوصف لما تفعله، لهذا لم يكن غريبا أن يتغير الاسم بعد فترة إلى EA Sports؛ ليحدد هوية أكثر خصوصية؛ ولذلك فالاسم يجب أن يكون خاصا ومميزا ويعلق في الذاكرة بسهولة من أول ظهور أو تعامل.
تعطي التسمية المخصصة ميزة أخرى هامة، وهي سهولة الوصول إلى الموقع أو التطبيق عن طريق البحث، ففي الوقت الذي يصعب فيه الوصول إلى مشروع اسمه "هواتف مستعملة" (إذا افترضنا وجود مشروع بهذا الاسم) لوجود عشرات الصفحات في بحث جوجل بهذا الاسم، نجد من السهل جدا الوصول إلى مشروع باسم "أولكس" أو "حراج".
س/ هل الاسم محدد أكثر من اللازم؟
ج/ إذا كان مشروعك يقدم منتجات محددة ولن يغيرها مستقبلا فلا مانع من أن تستخدم اسما محددا بشكل يوضح نشاطه، وإلا فمن الأفضل أن يكون الاسم أكثر شمولية وعاما ليتناسب مع التطورات المستقبلية التي تتوقعها في نوعية وأصناف المنتجات. الشركة التي أنشئت لتركز على أجهزة الصوتيات والتسجيلات تحت اسم "Sound of Music" وجدت نفسها تنجح وتتوسع في بقية الأجهزة الإلكترونية، مما اضطرها لتغيير اسمها الى الاسم المعروف الآن "Best Buy".
س/ هل الاسم مناسب للشريحة المستهدفة من العملاء؟
ج/ الشركة المعروفة في مجال التخسيس "Weight Watchers" غيرت اسمها إلى "WW"؛ للتخلص من كلمة Weight (الوزن)، من أسباب التغيير أنها لاحظت أن عملاءها من المشتركين مستخدمي التطبيق وحاضري الاجتماعات لا يعجبهم أن الاسم يدل على فقدان الوزن فقط؛ لأنهم مهتمون بالحياة الصحية بشكل عام، وهذا هدف مستمر، أما فقدان الوزن فهو هدف مرحلي، فاستجابت الشركة وغيرت الاسم ليدل على الـ wellness بشكل عام. أيضا شركة الإنترنت "America Online"، بعد سنوات من نطق الناس لها بشكل مختصر (لأن الأمريكيين معتادون على اختصار الأسماء) بدأت تظهر فجوة بين الاسمين، فاختصرت الاسم رسميا وأصبحت AOL..
س/ هل للاسم - مقروءًا أو مسموعًا - معنى سيء؟
ج/ عندما بدأ جيف بيزوس يؤسس لمشروعه كان قد اختار اسما جذابا أعجبه وأعجب كل من حوله "Cadabra" (من جملة ابرا كادابرا التي يقولها السحرة)، وحجز نطاقا للموقع بذلك الاسم، وعندما اتصل بالمحامي لتسجيل الشركة وأخبره بالاسم لم يسمعه الأخير جيدا وتساءل: "cadaver" (جثة)؟ طبعا ألغى بيزوس الاسم على الفور وشرع في التفكير باسم آخر، ووصل إلى اسم يعبر عن رؤيته بشكل أفضل: "Amazon"، أطول أنهار العالم.. كذلك محرك بحث "Bing" الخاص بشركة مايكروسوفت يعني "المرض" في اللغة الصينية، بغض النظر عن أنه فشل بشكل عام.
تأكد من أن الاسم لا يعطي معنى ولا تلميحا سيئا في الأسواق التي سيعمل فيها، خصوصا مع ميلنا نحن الشرقيين للسخرية والتندر على كل شيء و"الألش".. في الشركات الكبيرة يستعينون بمتخصصين في اللهجات واللغات للتأكد من أن اسم أحد المشاريع الجديدة لن يؤخذ على محمل سيء في أي مكان.
س/ هل الاسم متاح للتسجيل والاستخدام؟
ج/ يجب عليك في هذا الوقت أن تطرح على نفسك ثلاثة أسئلة، وهي:
الأولى: هل الاسم مسجل من قبل كشركة أو كعلامة تجارية، وبالتالي لا يمكنك استخدامه؟ إذا كان كذلك فيجب أن تبحث عن اسم آخر أو تسجل الاسم في دولة أخرى.
الثانية: هل النطاق الخاص به مع إضافة امتداد com (دوت كوم) مسجل من قبل؟ إذا كان كذلك فعليك أن تدرس إمكانية استخدام نطاق بامتداد آخر، كنطاق الدولة مثلا، أو نطاق يدل على النشاط، أو تغيير الاسم بإضافة كلمة، أو تغيير الاسم تماما إذا كان امتداد دوت كوم ضروريا للمشروع (بعض المشاريع كذلك).
الثالثة: هل هناك من يستخدم الاسم - حتى دون تسجيل - ومشهور به وبالذات في نفس المجال؟ "فايرفوكس" كان اسمه في البداية فايربيرد، ومع اكتشاف وجود مشروع برمجي آخر بالاسم نفسه كان قرار التحول إلى الاسم الحالي، ولذلك فاستخدم بحث جوجل ويوتيوب وفيس بوك وتويتر قبل أن تقرر إطلاق الاسم على مشروعك.
س/ هل الاسم سهل النطق والسماع والكتابة؟
ج/ عندما وجدت ابن أختي (4 سنوات) يبحث عن موقع ألعاب متميز بعينه عن طريق لونه لكنه لا يعرف اسمه تبين لي أن الاسم صعب الحفظ والاستيعاب بالنسبة للأطفال (الجمهور المستهدف)؛ إذ كان يتكون من حرفين بينهما رقم، مما سهل علي وعلى غيري إنشاء موقع منافس.
كذلك أثناء اختياري لاسم "فتكات" كان من معايير الاختيار سهولة توقع الحروف بمجرد سماع الاسم دون أن تكون هناك حروف تحتمل طريقتين للكتابة مثل: العين (e أو 3) والحاء والهمزة.
أحيانا أتعرف إلى بعض مشاريع الأصدقاء ذات الأسماء التي لا يسهل نطقها من أول مرة، أو تسمع بشكل خاطئ أول مرة كأن تشعر أثناء سماعها أنها كلمات فرنسية، أو لا يمكن استنتاج طريقة كتابتها لوجود عدة طرق ممكنة لذلك. والقاعدة هنا: إذا احتجت أن تكرر الاسم مرة أخرى لأن من أخبرته به لم يسمعه جيدا أو لم يتمكن من قراءته فقد يكون من الأفضل تغييره، فلن تكون متاحا مع كل من يتعرف إلى مشروعك عن طريق إعلان أو عن طريق صديق له لتوضح له الاسم وما تقصده به وكيف قمت باختياره.
أستثني من ذلك أمرين:
الأول: عندما يؤدي فهم الاسم عند سماعه في المرة الثانية إلى تأثير قوي كالمفاجأة أو الشعور بوجود ابتكار كبير في الاسم. لا أزال أتذكر - مثلا - اندهاش كل من سمع اسم فتكات لأول مرة وحاجته لسماعه مرة أخرى للتأكد. أحد الأصدقاء لديه شركة أجنبية اسمها يتكون من أداة تعريف ثم حرف واحد مدلوله الأساسي معنى لا يمكن التحدث به، تؤدي أداة التعريف والحرف المنفرد بعدها إلى أن يسأله كل من يسمع الاسم باستغراب ليعيد نطقه ويتأكد من سماعه بشكل صحيح، ثم يتوقف الاجتماع في توتر قرابة الدقيقة قبل أن ينفجر الجميع في الضحك لاستحالة أن يكون الاسم مقصودا به المعنى السيء، فتعمل هذه الدقيقة وذلك الضحك على التقريب بين الحاضرين في الاجتماع (ice breaker).
والثاني: عندما يكون المشروع قويا وحيويا لجمهوره المستهدف ولديه ميزانية تسويق ممتازة، عندما جاءت أوبر إلى مصر كانت هناك صعوبة في أن يفهم الناس الاسم أو يتوقعوا طريقة كتابته من أول مرة وكان مستغربا، ومع ضغط الأصدقاء والدعاية والتخفيضات أصبح اسما عاديا ولم يقف عائقا أساسيا أمام النجاح، الشيء نفسه مع دوبيزل قبل أن تشتريها أولكس.
س/ هل الاسم طويل؟
ج/ تقريبا انتهت حقبة الأسماء الطويلة منذ فترة، ولم يعد من المناسب استخدام اسم طويل لعدة أسباب: حب الناس للاختصار، صعوبة تذكر الاسماء الطويلة، صعوبة عمل تصميم جيد للشعار، صعوبة عمل تصميم جيد للمطبوعات. فعلى الرغم من أن معظم الأسماء الشهيرة بدأت بأسماء طويلة، فإنها كلها استخدمت أسماء أقصر بعد ذلك، من أمثلتها: "Jerry's Guide to the World Wide Web" أصبحت "Yahoo!"، و "Lucky Goldstar" أصبحت "LG" ،"Brad's Drink" أصبح "Pepsi"، و"Blue Ribbon Sports" تحول إلى "Nike"، وهكذا. بل أصبحت الأسماء أقصر ما يمكن دون مراعاة لقواعد اللغة، مثلا: "Flickr" بدأت موضة عدم كتابة "e" قبل "r"، و"SWVL" لا توجد بها حروف علة، و"Shyp" أربعة أحرف لا يمكن استنتاج طريقة نطقها، كل هذا في سبيل تقديم اسم مختصر.
س/ هل يعبر الاسم عن رؤية أو نشاط أو قيم المشروع؟
ج/ على الرغم من أن المشاهدات تشير إلى عدم أهمية هذه النقطة هذه الأيام، فإنها لا زالت تلعب دورا هاما إذا لم تكن هناك ميزانية كبيرة لتسويق المشروع، بتعبير آخر: الشركات التي لديها ميزانية كبيرة للتسويق يمكنها استخدام اسم لا علاقة له بالمشروع من قريب أو بعيد (سواء كان له معنى أم لا)، أما المشاريع الناشئة في منطقتنا والتي لا يكون لها رأس مال كاف من البداية فليست لديها تلك الرفاهية، بل تحتاج إلى أن يكون الاسم معبرا ليعوض الدور التسويقي المطلوب في شرح المشروع للجمهور المستهدف.. أسماء بدأت دون دعاية مكثفة مثل: حراج (سوق المستعمل في السعودية) واطلب وفتكات ومزيكا كان لها دور كبير في جذب العملاء وتسهيل نشر المشروع بينهم.