البحث والتطوير.. أدوات تحقيق الرؤية
كتب - د. عامر بن محمد الحسيني
يرتبط مفهوم البحث والتطوير "Research and Development R&D" بعدد كبير من المفاهيم الاقتصادية والاجتماعية منها: (ريادة الأعمال، الإبداع، الاختراع، الإنتاج، الاقتصاد، الاستدامة)، وغيرها كثير من المصطلحات والمفاهيم التي يمكن أن تشكل رافدا للبحث والتطوير وتحقق أهدافهما.
وتعرف منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية "OECD" البحث والتطوير على أنه "العمل الإبداعي الذي يتم على أساس نظامي؛ بهدف زيادة مخزون المعرفة بما فيها معرفة الإنسان، والثقافة والمجتمع، واستخدام مخزون المعرفة هذا لإيجاد تطبيقات جديدة"، وهي كل المجهودات البحثية المنظمة لتحويل المعارف إلى حلول فنية في صور أساليب أو طرق إنتاج ومنتجات، مادية، أو استهلاكية، أو استثمارية.
البحث والتطوير هو نتاج للبحث العلمي الذي يسهم في دعم الاقتصاد وإيجاد حلول مستدامة للمشكلات التي تواجه المجتمع، ويساعد في تحسين مستوى وجودة الحياة، ودفع عجلة التنمية، وإيجاد الفرص الوظيفية، والمنافسة مع الدول المتقدمة في حجز مراتب متقدمة على خريطة العالم في البحث والتطوير والاستكشاف والتنمية الاقتصادية.
مع بداية الثورة الصناعية الأولى، بدأت الدول تهتم بموضوع البحث والتطوير، وترى فيه مجالا لكسب رهان التنافس مع الدول الأخرى والسيطرة على مفاصل تلك الدول من خلال تطوير منتجات للاستخدام، وتطوير أدوات للمحافظة على الصحة في قطاعات المستشفيات والأبحاث العلمية المتعلقة بها. ونشأ على ذلك عديد من الشركات التي تعتمد فيها قيمتها على مقدار الاستثمار في البحث والتطوير والتعاون مع مراكز البحث الرسمية والجامعات للوصول إلى مزيد من التقنيات والمنتجات القابلة للتسويق.
مثلث البحث والتطوير "R&D" حاليا يعتمد على ثلاثة مكونات تمثل مؤسسات البحث والجامعات ومراكز الفكر في جانب، يقابلها مؤسسات وشركات القطاع الخاص، وترتكز جميعها على محور الحكومات والاهتمام بالبحث والتطوير. وتتنافس الدول في مجال دعم البحوث التطويرية وتتصدر المشهد الولايات المتحدة بمبلغ يفوق 476 مليار دولار سنويا، ثم الصين بإجمالي إنفاق بلغ 371 مليار دولار، فاليابان وألمانيا يتجاوز الإنفاق فيهما 100 مليار دولار. في السعودية بلغ إجمالي الإنفاق على البحث والتطوير 12.5 مليار دولار.
أهم القطاعات التي تستحوذ على إنفاق البحث والتطوير حول العالم تمثل قطاعات التجزئة، تتصدرها شركة أمازون بقيمة 22.6 مليار دولار، والبرمجة والخدمات، والتكنولوجيا والاتصالات تتصدرها شركة سامسونج بقيمة 15.3 مليار دولار، وقطاع النقل والسفر، وقطاع الصحة وتصنيع الأدوية، والسلع الاستهلاكية، والقطاع المالي، قطاع الرقائق والتقنيات المتقدمة.
دعم البحث والتطوير في المملكة جاء من خلال إعلان "رؤية المملكة 2030" التي بنيت برؤية واضحة من ولي العهد. وتركز في أحد أهدافها على دعم البحث والتطوير في المجالات كافة من أجل تحقيق الاستدامة، والارتقاء في خريطة العالم. حتى تتحقق الفائدة من ذلك يجب تحفيز قطاعات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة SMEs من أجل المساهمة في دعم البحث والتطوير بالشراكة مع مؤسسات التعليم الجامعية والبحثية.
وقد أسهمت جميع دول العالم في تحفيز وتطوير قطاعات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال دعم البحث والتطوير، حتى أصبحت هذه الشركات من الشركات العملاقة التي تخصص جزءًا من مواردها لدعم البحث والتطوير تجاوز 40 في المائة من الدخل في بعض شركات الأدوية، ويراوح بين 10 و20 في المائة في كثير من الشركات العالمية المؤثرة.