حرب التنافس بين «إيكيا» و«أمازون».. دروس لرواد الأعمال
يومًا بعد يوم، يستمر تأثير موقع أمازون على عالم الأعمال التجارية، حتى أنه قد غير شكل المنافسة تمامًا، مما أجبر مجموعة واسعة من الشركات على التوفيق بين واقعها وبين الواقع الذي تخلقه شركة أمازون عبر منصتها للتجارة عبر الإنترنت.
ومن بين هؤلاء كانت شركة إيكيا، فعلى ما يبدو أن الشركة السويدية التي تُعد أكبر تاجر تجزئة للأثاث في العالم لديها مشكلة، ألا وهي عدم مواكبة تطور العالم الرقمي؛ لذا قررت في خضم تراجع المبيعات، تحطيم الوضع الراهن، وإعلان التحول في نموذج أعمالها، أو وفقًا لما صرح به رئيس مجلس إدارة الشركة: تغيير كل شيء تقريبًا.
جلب هذا التحول تغييرات كبيرة، مثل: خطط طموحة لتحويل إيكيا إلى علامة تجارية متعددة القنوات، حيث يمكن للعملاء التسوق عبر الإنترنت والمتاجر في المدن ومراكز التسوق، بالإضافة لإجراء تغييرات في تخطيط المتجر، واستثمارات أكبر في التوصيل من وإلى المنزل.
مع إدخال عدة خدمات جديدة، مثل: تجربة استئجار الأثاث، وخدمة إصلاح المنتجات التالفة، وكذلك بيع قطع الغيار، وبيع الأثاث المستعمل على المتجر، بعد الحصول على عرض أسعار له عبر الإنترنت، كجزء من تحول استراتيجي سيمتد من 2019 إلى 2021.
في الواقع ستساعد خطة إيكيا العبقرية للتنافس مع أمازون أي شركة ناشئة على القتال؛ إذ إنها تقدم نموذج يدرس لرواد الأعمال المبتدئين، كما يمكن لأي شركة من أي حجم أن تتعلم منه؛ لذا سنقدم 5 دروس مهمة يمكن لرواد الأعمال أن يتعلموها من معركة إيكيا وأمازون:
الدرس الأول: الشخص المناسب في المكان المناسب
لتنفيذ ذلك التحول، وفي أبريل من عام 2018، جلبت إيكيا باربرا مارتن كوبولا، كرئيس رقمي للشركة. لقد استحدثوا هذا المنصب بشكل مخصص حيث لم يكن موجودًا مسبقًا، وأعطوا لها كافة الصلاحيات لتنفيذ مخططاتها الطموحة من أجل تصميم وتقديم الإصلاح اللازم، وخطط الشركة الطموحة لمواكبة التغيرات التي أحدثتها أمازن في عالم تجارة التجزئة.
يُعد اختيار شخص مثل كوبولا في مثل هذا المنصب لقيادة التحول الرقمي لإيكيا اختيارًا صائبًا جدًا، لكونها جاءت من هذا العالم الرقمي، وتعرف جيدًا قوة الهندسة والذكاء الاصطناعي، وأهمية اتخاذ القرار بشكل صحيح بسرعة وباستمرار. فأي شركة تريد المنافسة في حيز تلبية احتياجات العملاء، عليها أن تكون على نفس المستوى من السرعة والكفاءة لخدمة العملاء بأفضل طريقة ممكنة مثل شركات التكنولوجيا.
الدرس الثاني: اجعل شركتك مادية ورقمية معًا
الـ Phygital هو مصطلح جديد ابتكرته باربرا، لتقديم قيم وشعور التسوق من إيكيا عبر مزيج من المتاجر المادية والحضور الرقمي. لاحظ أن هذا ليس مجرد بيع داخل المتجر وعبر الإنترنت، ففي الواقع 10% من حصيلة مبيعات إيكيا تأتي بالفعل من الإنترنت.
يتعلق الأمر بحمل التجربة السحرية لزيارة متجر إيكيا والتجول داخل أروقته، ونقلها بل وتحسينها بشكل أفضل وتقديمها عبر الإنترنت، لخلق تجارب جديدة سحرية حقًا!
ومن الأمثلة على ذلك، تخطط الشركة الآن لإطلاق تطبيق IKEA Place للتجارة الإلكترونية، لم تقدم إيكيا تاريخ إطلاق محدد لإطلاقه، ولكن قالت إنه سيأتي إلى أسواق محددة خلال هذا العام.
وهو تطبيق للواقع المعزز AR، يتيح للعميل تخيل كيف ستناسب قطعة الأثاث في منزله. كما سيقدم توصيات شخصية مخصصة وفقًا لرغباته واحتياجاته، بناءً على المعلومات التي لديهم عن كل عميل. وبالطبع، يمكن للعميل بعد ذلك النقر لشراء المنتج.
تخيل أنك تريد أن تجهز غرفة المعيشة الخاصة بك، وإيكيا تعرف ذوقك وأبعاد ومقاسات الغرفة، بعد ذلك يمكن للشركة من خلال الأدوات الرقمية، مساعدتك في تصميم تلك المساحة، بحيث يصبح المنتج جاهزًا وفقًا لذوقك ومتطلباتك، كل ذلك وأنت لم تتحرك من أريكة منزلك.
هُناك عدد كبير جدًا من العلامات التجارية التي قامت بتصميم واجهة رقمية لعملها كإضافة إلى منافذها المادية، ولكن هُنا في إيكيا الوضع مختلف، لقد دمجت ما بين السحر الذي يشعر به المتسوق داخل أروقة متاجرها، بما يمثل نقطة قوة لديها، وما بين التقنيات الرقمية، ولم تجعله مجرد واجهة رقمية فحسب بل كمحسّن للتجربة للكل.
الدرس الثالث: اعرف عميلك وادرسه جيدًا
تستثمر إيكيا في ما يُعرف بالـ Personalization at scale أو التخصيص على نطاق واسع، فتخطط لتسخير جميع المعلومات التي تجمعها بالكامل لتخصيص عروضها بشكل أفضل، مما يسمح لها بإرسال اتصالات فائقة الاستهداف وموجهة بدقة إلى العملاء المحتملين بناءً على ما تعلموه عنهم عبر الإنترنت.
فعلى سبيل التوضيح، عندما يشتري العميل سريرًا، فإنه يمضي قرابة الأسبوعين في البحث على الإنترنت. لذا، هناك الكثير من المعلومات التي تستطيع إيكيا تجميعها، والتي يمكننا استخدامها لتكون وثيقة الصلة بهذا الشخص في ذلك الوقت؛ حتى تتمكن من تلبية رغباته واحتياجاته في المنتج الذي يريد شراءه.
وإذا لم يكن لديك ما يكفي من الأنظمة المعقدة لجمع البيانات وتحليلها، فلا داعي للقلق. فلا يوجد ما يمنع أي صاحب عمل من قضاء المزيد من الوقت مع العميل المستخدم النهائي الخاص به، من أجل ثلاثة أمور هي: معرفة ما يريده العميل حقًا، وجعل المنتج ذو صله بالعميل، وإعطاء وتسليم المنتج للعميل.
الدرس الرابع: قاوم فكرة المنتج المثالي
تشجع باربرا فرقها على قضاء جزء من وقتهم في التجارب. وهو تكتيك تبنته شركات التكنولوجيا مثل Google. تسميه: روح ريادة الأعمال بطريقة منظمة. فقد عاشت أهمية الاختبار بسرعة وتكرار وإعادة الاختبار، وهو ما يجسد التعلم السريع.
كلمة السر هُنا، هو أن تكون شجاعًا في التفكير، وأن تقاوم إغراء فكرة أن منتجك قد أصبح مثاليًا، وتتبنى عملية تحرك من البيروقراطية تجاه فريق العمل الخاص بك، ثم تسمح لردود الفعل على الاختبار بأن ترشدك، بعيدًا عن التحيزات الخاصة بك تجاه منتجك، مما يجعل التطوير والتحسين عملية مستمرة.
الدرس الخامس: ضع منافسك كهدف للمرمى!
ماذا عن تهديد أمازون وغيرها من عمالقة التجارة الإلكترونية؟ صحيح أن أمازون تشكل تهديدًا لا يمكن إنكاره بالنسبة لإيكيا في أسواق مثل الولايات المتحدة، ولكن هناك منافسون آخرون في بلدان مختلفة، مثل متجر علي بابا العملاق في الصين، وفي أوروبا الوضع مختلف، وبتعلق بالتفكير ما الذي سيكون عليه عالم التجزئة الجديد؟ فلم يعد العملاء سعداء بالتوجه إلى متاجر خارج المدينة لشراء أثاث سهل النقل والتركيب، لذا بات الابتكار مهمًا.
لذلك، جعلت إيكيا الابتكار والتركيز على العملاء، ومن سيخدم العميل بشكل أفضل هو الهدف. بالطبع إيكيا لا تقلل من شأن منافسين مثل أمازون، لكنني أعتقد أن هناك الكثير للاختراع والابتكار الذي لم يحدث من قبل، وروح مقاربة لإيكيا جديدة.
بعبارة أخرى، الدرس هنا هو أن تستلهم من ابتكارات منافسك الضخم في صناعتك، بدلًا من الخوف منه. سواء أكان المنافس هو أمازون أو شركة أخرى، فكر في تعيينهم كهدفٍ للمرمى، وليس النظر لهم كعملاق أسطوري لا تأمل في هزيمته يومًا. وتذكر دائمًا: يمكن أن يقود الابتكار من قبل أي شخص يولي اهتمامًا وثيقًا لاحتياجات العميل أي شركة نحو السحاب.