ثاني جلسات "منتدى عمان للقيمة المحلية المضافة" تسلط الضوء على أنجح الممارسات لتوطين الصناعات والوظائف
ناقشت الجلسة الثانية من مُنتدى عُمان للقيمة المحلية المضافة (2019) محور "تعميم تطبيق القيمة المحلية المضافة"، وفي بداية المحور استعرض كريستوفر ألكسندر ماكدونالد، مدير عام دي إيه آي جلوبال عمان الشرق الأوسط، ورقة عمل حول "مُستجدات القيمة المضافة وتطبيقاتها في عمان اليوم".
وأبرز ماكدونالد السبل التي يُمكن من خلالها استغلال الإمكانيات المتاحة بحيث تترجم في أفضل عائد عبر القيمة المضافة، مشيرا إلى أهمية دراسة وتحليل العرض والطلب والمردود المطلوب وكيفية الموازنة بينهم وهذه المعايير تطبق على القيمة المضافة عبر تحليل الإمكانيات المتوفرة في كل قطاع والنسب المطلوبة لتوطين الصناعات والإمكانيات المطلوبة لتحقيق ذلك ومن ثم دراسة كيفية المواءمة بين المطلوب والموجود على أرض الواقع، عبر سياسات وتشريعات وبرامج عمل للوصول للنتيجة المرغوبة.
وقدَّم المهندس عمار بن سليمان الخروصي مدير إدارة التطوير بالشركة العمانية للتنمية السياحية "عمران" ورقة عمل بعنوان "شركة عمران والاستثمار في التنمية المحلية"؛ حيث استعرض ما أنجزته الشركة في استراتيجيتها للقيمة المحلية المضافة وطرح تعريفا للقيمة المحلية المضافة على أنها مجمل الإنفاق الذي يبقى داخل البلاد، ويعود نفعه على تطوير الشركات والكوادر البشرية، ويسهم في تعزيز الإنتاجية الاقتصادية للسلطنة.
وشرح الخروصي بعد ذلك طبيعة عمل الشركة واستراتيجية القيمة المضافة فيها قائلاً إنه تم تأسيس وتكليف الشركة من قبل الحكومة الرشيدة للتطوير والاستثمار وإدارة المشاريع السياحية. ويكمن دور الشركة في دعم وتحقيق رؤية الحكومة بتحويل قطاع السياحة إلى مساهم أساسي في دفع عجلة الاقتصاد الوطني والعمل مع شركاء محليين ودوليين على تطوير مشاريع هادفة إلى ﺗﺤﻘﻴﻖ إيرادات وإيجاد ﻓﺮص عمل.
وأكد أنَّ الشركة تقود مسيرة التحديث في القطاع السياحي بسلطنة عُمان، سواءً عبر الاستثمار أو تطوير المشاريع الجديدة، أو إدارة الأصول، وهدفها الاستراتيجي أن تلعب دورا أساسياً في عملية تطوير السوق المحلي. وأوضح أنه في العام 2012، تمت صياغة سياسة الاستثمار في التنمية المحلية للشركة، لضمان تعاقد الشركة مع المشاريع المحلية والمزودين المحليين في مجالات الاستشارة والتوريد والمُشتريات. وتعطي هذه السياسة الأولوية لتوظيف المواطنين العمانيين في قطاعي التطوير والضيافة اللذين يشهدان نمواً متسارعًا.
والتأمت بعد ذلك الجلسة النقاشية الثانية من المنتدى، وأدارها المهندس محمد بن أحمد الغريبي مدير الشؤون الخارجية والاتصالات بشركة نفط عُمان، وناقش فيها كرستوفر الكسندر مكدونالد مدير عام دي إيه آي جلوبال عمان الشرق الأوسط، والمهندس عمار بن سليمان الخروصي مدير إدارة التطوير بشركة عمران، وجاسم بن حسن العجمي رئيس الاستدامة المؤسسية في مصفاة الدقم، وخالد بن خميس الجشمي الرئيس التنفيذي لشركة المثلث الهندسي، وعبد الله بن محمد البوسعيدي مدير القيمة المضافة بالجمعية العمانية لخدمات النفط "أوبال". واستهل مدير الجلسة حديثه بطرح استبيان للحضور حول مدى القدرة على تعميم القيمة المحلية المضافة على بقية قطاعات السلطنة، بعد نجاح تعميمه على قطاعي النفظ والغاز، وأشار الاستبيان إلى إمكانية ذلك بأغلبية الأصوات التي شاركت في الاستبيان. ووجه مدير الجسلة سؤالا لعبد الله البوسعيدي مدير القيمة المضافة بأوبال تضمن استفساره عن التحديات والصعوبات التي واجهت شركته في تطبيق القيمة المحلية المضافة؟
البوسعيدي من جهته عرف الحضور بشركته قائلاً "هي الجمعية العمانية للخدمات النفطية" أوبال " وتضم في عضويتها 400 شركة بصفات مختلفة. تغلبنا على تحديات تطبيق القيمة المحلية المضافة بالقيادة الصحيحة والإيمان بالفكرة والمضي قدماً في تنفيذها. البداية كانت عبر لجنة رئيسية ترأسها سعادة وكيل وزارة النفط والغاز، ثم انبثقت منها لجنة مختصة للعقود والشركات والجهات الأخرى المتعاقدة معنا سواء أكانت تعاقدا مباشرا أو من الباطن". وأضاف "استحدثت أوبال جائزة تنافست فيها الشركات المنضوية تحت مظلتها في تنفيذ الأهداف السنوية. الجائزة كانت دافعاً لرفع مستوى الإنتاجية". وتابع قائلاً "وجدنا العديد من التحديات في سبل تطبيق القيمة المحلية المضافة في بداية الأمر شأنه شأن أي مشروع، ولكننا نجحنا في تخطي تلك العقبات بإيجاد الحلول الناجعة بواسطة توحيد جهود الجميع نحو تحقيق هدف بعينه".
وأشار إلى أن لكل شركة مفهومها الخاص حول القيمة المحلية المضافة، وسبل تطبيقها،لافتاً أيضا إلى أن قصر فترة تنفيذ بعض المشروعات كانت من ضمن التحديات بيد أن الشركة نجحت في تجاوزها بفضل القيادة والالتزام بالمعايير. وبسؤال من مدير الجلسة عن توجس البعض من تعميم القيمة المحلية المضافة على المشروعات.
وقال المهندس جاسم بن حسن العجمي رئيس الاستدامة المؤسسية في مصفاة الدقم إن مشروع بتروكيماويات مصفاة الدقم من أكبر المشروعات بشراكة عمانية كويتية ويهدف لبناء أكبر المصافي العمانية بسعة 230 ألف برميل يومياً في المنطقة الاقتصادية بالدقم، وقد نجحنا في إنجاز 17% من القدرة التشغيلية، من المقرر أن تكتمل لمشروع بكل طاقاته الإنتاجية بحلول عام 2022، لذا كان التحدي أكبر أمامنا في تطبيق القيمة المحلية المضافة لمشروع في مرحلة البناء، ولكن الشركة وضعت تطبيق القيمة المحلية المضافة كأولوية في وثيقة الدعوة للتناقص لبناء المصفاة.
وتابع العجمي"لقد أدرجنا بنجاح تطبيق القيمة المضافة لمصفاة الدقم أسوة بشركات أخرى تعمل في قطاعي النفط والغاز وتم وضع معايير من قلب تلك الشركات فكانت جزءا أساسياً من مشروع مصافة الدقم". ومضى قائلاً "بمجرد إعطاء الإذن للشركات المقاولة بتنفيذ المشروع منتصف 2018 كانت هناك خطط البدء في تطبيق القيمة المحلية المضاف التي اعتبرت من أولويات المشروعات ومدرجة بالتنافس فكانت هناك مستندات وبرامج وخطط يقدمها المقاولون في أول شهور بناء المشروع "وعبَّر عن فخره بما وصلت إليه نسبة إنجاز مشروع القيمة المحلية المضافة في مصفاة الدقم إلى 40% دخلت في ثلاث حزم مضيفاً القول" لم نكتف بذلك بل استفادت الشركات العمانية بـ 700 مليون دولار أمريكي، نأمل أن ننتهي من تنفيذ النسبة المتبقية بحلول عام 2021. أمامنا 32 شهرا والمؤشرات تؤكد قدرتنا على تحقيق الأهداف الموضوعة سلفاً فمجموع ما تمَّ رصده تجاوز 1.6 مليار دولار أمريكي، وهناك تفهم وتشجيع من شركائنا الكويتيين.
وتوجه الغريبي بسؤال للمهندس خالد الجشمي عن رأيه في أفضل طريقة يمكن من خلالها الاستفادة الحقيقية من برنامج القيمة المحلية المضافة، باعتبار أنَّ لديه تجربة جيدة في ريادة الأعمال تمكنه من تقديم أفكار تسهم في تعميم صحيح للبرنامج في قطاعات أخرى بجانب النفط والغاز، وقال الجشمي إن أهم النصائح المهمة لإنجاح تعميم القيمة المضافة في قطاعات أخرى، القناعة بأنه ليس لدينا أي شيء ينقصنا، واستشهد بما جاء في الخطاب السامي حول احتياج العمل للصبر والعزيمة والإرادة والتفاني والإخلاص، وقال: ليس هناك من سيطرق بابنا ليُقدم لنا الحلول والأعمال، ربما يكون هناك مساعدة وتحفيز لكن الاجتهاد للحصول على العمل والإيمان بما تقوم به هو الأساس.
ولفت المهندس خالد الجشمي إلى أهمية الفهم والقناعة لدى كل فرد، موضحًا أن المواطن الذي يشتري منتج عُماني بأيدي عمانية يحتاج أن يعي مردود ما يدفعه عليه وعلى وطنه ومجتمعه وعليه هو نفسه، وأكد أن عُمان لا تحتاج نقل تجارب أجنبية فلديها كل ما يؤهلها من التاريخ والخبرة والثقافة ما يجعل لها تجربتها وخصوصيتها وإمكانية نجاحها بطريقتها الوطنية الخاصة، موضحاً أن تعميم برنامج القيمة المضافة في القطاعات الأخرى يحتاج كشرط أساسي إلى التنسيق فيما بين القطاعات؛ من حيث الجهة الحكومية والمنفذين للمشاريع وبحيث يجري نقل الخبرات، وقال إنَّ هناك حاجة لمزيد من التنسيق للوصول للصناعات التي يمكن أن يتم توطينها بالكامل، على أن يكون التوطين للصناعة بنسبة 100%، من المواد الخام والأيدي العاملة والمنتج وهكذا بحيث يكون إنتاج عماني كامل، معرباً عن أمله في أن يكون التصدير العماني لمنتجات بخامات عمانية وأيدٍ عمانية، وألا يكون هناك تصدير لمواد خام بل كل ما تصدره عمان يكون منتجا نهائيا من خامات عمانية بأيد عمانية وهذا هو جوهر ونتاج القيمة المحلية المضافة التي تعود على كل فرد من أفراد المجتمع.
وأكد الجشمي أنَّ هناك حاجة لتحديد هدف معين خلال فترة معينة وبنسب تتصاعد مع الوقت، ويتم متابعة المراحل التي تطبق وتراجع وتعدل إذا احتاج الأمر، وضرب مثالا بفكرة تعمين مهنة السقالات في قطاع النفط والغاز والتي بدت غريبة وبعيدة عند طرحها للمرة الأولى لكن مع الوقت والتكيف مع الواقع والإصرار على النجاح بالنهاية أثمر نجاحًا.
وأشار إلى أهمية السعي المتكامل مع الإيمان بالقدرة على النجاح وإمكانيات الشباب الذين يحتاجون إلى المزيد من زرع الثقة دائماً كطبيعة الشباب وإبراز أفضل ما فيهم وإمكانياتهم نحو ريادة مشاريعهم الخاصة.
الغريبي نقل الحوار إلى كريستوفر ماكدونالد حول أهم النقاط التي ينبغي العمل عليها بحيث ينجح نقل تطبيق برنامج القيمة المضافة على قطاعات أخرى، وقال كريس إن أهم العوامل التي يحتاجها تطبيق القيمة المضافة هو بناء القدرات المحلية للبلد، والبحث عن القدرات التي قد تواجه مصاعب في العمل ومساندتها حتى لا تيأس، وبالتأكيد ليس هناك نجاح مضمون من المحاولة الأولى لكن النجاح بالنهاية سيكون موجودا.
أما النقطة الثانية فرأى أنها تتمثل في استخدام قوة الناس، مبينًا أنَّ هناك آلاف يتخرجون سنويا ولا يجدون عملا وهو ما يمثل مشكلة لكن التفكير في أية صناعة يمكن التركيز عليها لتتناسب مع الخريجين، ما هو الواجب عمله لاستثمار رأس المال البشري العماني وكيف يمكن إعطائهم وظائف تليق بهم، وبقدراتهم ومواهبهم.
النقطة الثالثة لإنجاح القيمة المحلية المضافة أكد على توافرها في عُمان وهي الإرادة والرغبة من قبل الحكومة في تبني وإنجاح برامج القيمة المضافة، وهو ما يسهل بالفعل نجاح المشروع.
أما عمار الخروصي فركز في مداخلته على الإجابة على استفسار الغريبي حول ما إذا كانت هناك دروس مستفادة من تطبيق القيمة المضافة في قطاع النفط والغاز، فأكد على أن لكل قطاع خصوصيته وأنه ليس بالضرورة أن ما نجح في النفط ينجح في غيرها، لكن المهم هو الوصول للأفضل للتطبيق في كل قطاع، وأشار إلى أن قطاع النفط والغاز سبق كل القطاعات بالفعل في التركيز على القيمة المضافة، لكن مع ذلك كانت هناك حاجة لإعادة تصميم برنامج خاص للقيمة المضافة بالنسبة لعمران نظرا لاختلاف العمل في قطاع السياحة والاستثمار السياحي والعقاري، والذي يختلف اللاعبون فيه عن قطاع النفط والغاز حيث تتعدد الجهات المشتركة في التطوير السياحي والعقاري، وكان أهم عامل هو آلية تطوير المؤسسات المحلية والأهلية، وتطوير قدراتهم بحيث يضمن وجود فائدة وعائد على المُجتمع بشكل كبير ومستدام.
وقال عبدالله البوسعيدي: نعد مسحًا للسوق في كل المجالات ووجدنا أنَّ الكادر البشري هو أهم التحديات خاصة مع عدم كفاية التحديات، دراسات للسوق محليا ودوليا".
إلى ذلك، شملت الجلسة استطلاع رأي للحضور عن الخطوة الأولى التي يجب أن تبدأ فورا لتعميم تطبيق برنامج القيمة المحلية المضافة، وجاءت مشاركة الحضور مؤيدة بنسبة 49 بالمئة لتعديل بنود العقود والمشتريات لتتضمن خطة القيمة المضافة، فيما طالب 36 بالمئة من المشاركين بإسناد الإشراف على تعميم تطبيق القيمة المحلية المضافة إلى جهة مركزية سواء عامة أو خاصة.