ريادة الأعمال.. المفهوم والمصطلحات
كتب - د. سويلم جودة
تُعرف ريادة الأعمال بشكل عام، بأنها عملية إنشاء منظمة أو منظمات جديدة أو تطوير منظمات قائمة؛ أي إنشاء أعمال جديدة أو الاستجابة لفرص استثمارية جديدة من خلال الاستعداد لإدارة وتنظيم وتطوير المشروعات بالتزامن مع التأثر بالمخاطر؛ بهدف الوصول إلى الأرباح اعتمادًا على المبادرة بإنشاء عمل جديد؛ بالاستفادة من الموارد المتاحة بجانب العمل ورأس المال.
وتُعرف الريادة في الاقتصاد السياسي، بأنها عملية تحديد والبدء في مشروع تجاري، وتوفير المصادر، وتنظيم الموارد اللازمة، واتخاذ كلٍ من المخاطر والعوائد المرتبطة بهذا المشروع في الحسبان عند التوجه نحو مشروعات الريادة.
ولقد تأثرت ريادة الأعمال في بداية ظهورها بمجموعة من العلوم الإنسانية؛ مثل: علم الاقتصاد، والتسويق، وعلم الاجتماع، وعلم النفس، والإدارة الاستراتيجية، وعلم التاريخ؛ ما ساهم في ظهور نظريات وتفسيرات متنوعة لفكرة ريادة الأعمال.
مفهوم الريادي
ويرجع الأصل اللغوي لكلمة رائد إلى الشخص الذي يتقدم القوم ليرشدهم إلى مقصدهم ومبتغاهم؛ إذ استخدم مفهوم الريادي (Entrepreneur) لأول مرة في اللغة الفرنسية في بداية القرن السادس عشر؛ حيث كان يُستخدم للدلالة على المخاطرة التي ترافق الحملات الاستكشافية.
ومنذ منتصف القرن السابع عشر وحتى أواخر القرن العشرين، تطور مفهوم الريادة التي بدأت تأخذ أبعادًا اقتصادية واجتماعية، بحيث أصبح الريادي هو ذلك الشخص القادر على مزج عناصر الإنتاج المختلفة؛ لتحقيق قيمة مضافة أكبر من تلك المحققة قبل ذلك بنفس عوامل الإنتاج؛ وذلك اعتمادًا على ابتكار وسائل حديثة لتطبيق الأعمال.
الوعي المجتمعي
وقد أصبحت ريادة الأعمال في الوقت الراهن، من أهم مؤشرات الوعي المجتمعي في سياسات وخطط وبرامج التنمية في الاقتصاديات الوطنية؛ حيث أصبح ينظر إلى رواد الأعمال في المجتمعات المتقدمة على أنهم نماذج قيادية، يجب الاحتذاء بها؛ لما يقدمونه من أعمال ويحققونه من إنجازات، ويخلقونه من فرص استثمارية ووظيفية؛ ما يعني القيام بدور مؤثر في تحقيق أهداف ومتطلبات التنمية المستدامة على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية محليًا وإقليميًا ودوليًا.
منافس قوي
وما يؤكد أهمية ريادة الأعمال في دعم نمو كافة الاقتصاديات؛ ما تشير إليه تجارب نجاح العديد من رجال الأعمال الذين بدأوا حياتهم المهنية والعملية كرواد الأعمال من خلال مشاريع تجارية صغيرة، وهي المشروعات التي يمكن أن تكون منافسًا قويًا لشركات كبيرة؛ لأن رائد الأعمال يتسم بدرجة عالية من الحرية والمرونة والمخاطرة والتركيز، وتكون قراراته أسرع وأعمق أثرًا، مقارنةً بنمط التفكير والإدارة واتخاذ القرارات في الشركات الكبيرة.
ولعل هذه المميزات وغيرها- فضلاً عن عجز المؤسسات العامة عن استيعاب العمالة والاتجاه المتسارع نحو الاقتصاد الخدمي الذي لا يتطلب تقنيات عالية أو تكلفة كبيرة، مع تزايد نطاق التجارة الالكترونية- أسرع نحو الاتجاه إلى ريادة الأعمال وتأسيس مشروعات ريادية صغيرة كمؤشرات نمو في ريادة الأعمال داخل مكونات الاقتصاديات الوطنية.
ظهور العولمة
ولقد تزايد الاهتمام بمنظمات الأعمال الريادية في السنوات الأخيرة؛ نتيجة التقدم التكنولوجي وظهور العولمة بكافة مستوياتها، وكذلك انتشار تطبيق سياسة الخصخصة؛ ما أثر بقوة على بيئة الأعمال والبيئة التنافسية للمنظمات المحلية والدولية. ولعل ما دفع إلى مزيد من الاهتمام بريادة الأعمال، ما تحقق من نمو اقتصادي قائم على هذه المنظمات الريادية.
وثمة اختلاف جوهري بين مفهوم إدارة الأعمال ومفهوم ريادة الأعمال ؛ فالأول هدفه تحقيق الربح من خلال التخطيط والتنظيم والتنفيذ والتقييم، دون التركيز على إيجاد حلول لمشكلات المجتمع، وعدم تقديم سلع وخدمات متميزة تلبي احتياجات هذا المجتمع؛ أما ريادة الأعمال فتهدف إلى مواجهة مشكلات وتحديات المجتمع من خلال المبادرات المبدعة، والأساليب المبتكرة؛ بتأسيس مشروعات أو منظمات جديدة؛ ما يعني مساهمتها بقوة في دعم متطلبات التنمية المستدامة ، وخلق البيئة التشريعية والتنظيمية اللازمة لتحقيق ذلك.
إنَّ مفهوم ريادة الأعمال يرتبط بمصطلحات تشير إلى تداخله مع العديد من المجالات، أهمها: عقود الامتياز التجاري(الفرنشايز) ورأس المال البشري، ورأس المال المخاطر، ورأس المال المغامر، ومراقبة الجودة، والبيئة الداخلية والخارجية لريادة الأعمال، وغيرها من مصطلحات تقترن بالريادة.
ولا شك في أنَّ فهم هذه المصطلحات يساهم في فهم أعمق لريادة الأعمال ومكوناتها وأبعادها الاقتصادية والاجتماعية محليًا ودوليًا، ولعل هذا الإطار سيكون محل استعراض وتحليل خلال المقالات القادمة إن شاء الله، استهدافًا لتعميق المعرفة بريادة الأعمال، ونشر ثقافتها التي تساهم في التوسع في المشروعات الريادية في كافة المجتمعات ولاسيما المجتمع السعودي.