ما سمات وأهداف مدير الدقيقة الواحدة؟
هناك نوعان من المدراء في العالم، الأول يهتم بالنتائج، ويُوصف بالمستبد، والآخر يهتم بالموظفين، ويوصف بالديموقراطي، فمن منهما، ووفق هذه القسمة يكون لدينا؛ إما شركات رابحة وموظفون خاسرون، أو موظفون رابحون وشركات خاسرة؛ تلك هي المعادلة التي نجدها في أية مؤسسة، ليس فيها سوى أنصاف مديرين، لا يعرفون مهامهم ولا حدود مسؤولياتهم، وليس عجيبًا أن يكون هناك موظفون لا هدف لهم، إلا العمل تحت إمرة مدير ناجح بالفعل، يستطيع منحهم من خبراته ومعارفه الكثير.
من هذا المنطلق، يمكن القول: إن المديرين الناجحين يديرون أنفسهم، ويديرون العاملين معهم لصالح الشركة؛ حيث يستفيد الموظفون من وجود هؤلاء المديرين.
الإنصات للمرؤوسين
ووفق ما جاء في كتاب “مدير الدقيقة الواحدة” لمؤلفيه: كينيث بلانتشارد، وسبنسر جونسون، فإنَّ أول ما يميز المدير الناجح؛ “مدير الدقيقة الواحدة” إصغاؤه لموظفيه، ومعرفة وجهات نظرهم، ورؤيتهم في تطوير آليات العمل، مع عقد لقاء أسبوعي معهم؛ إذ يقول أحد هؤلاء المديرين الناجحين إنه يجتمع بموظفيه يوم الأربعاء من كل أسبوع لمدة ساعتين، يصغي إليهم؛ حيث يشرح الموظفون، ويحللون ما أنجزوه خلال الأسبوع المنقضي، ويبينون ما واجههم من مشكلات، ويعربون عما يرغبون في تحقيقه، ثم رأيهم في تطوير خطط واستراتيجيات الأسبوع التالي”.
وضع الأطر والسياسات
لكن ما هي الفائدة الفعلية من هذا الإصغاء؟
في الحقيقة، إنَّ مهمة المدراء هي وضع الأطر والسياسات، فيما يتولى الموظفون التنفيذ، ولما كان هؤلاء المدراء والمخططون لا علم لهم بكيفية تنفيذ العمل على أرض الواقع، كان لزامًا الإنصات إلى موظفيهم الذين يكتشفون بأنفسهم الفرص، ويواجهون العقبات أثناء التنفيذ.
ثقة الموظفين
المعادلة التي أشرنا إليها أعلاه، والمتمثلة في مدراء يهتمون بالنتائج وآخرون يهتمون بالموظفين، لا يعرفها سوى المدراء الناجحين بالفعل؛ إذ ينطلقون من قاعدة الموظفين لبلوغ النتائج المرجوة. ويكمن مفتاح هذه المعادلة في عبارة موجزة: “اجعل موظفيك واثقين من أنفسهم، وراضين عما يقومون به من أعمال، وحينها تحصل على ما تريد من نتائج، وربما أكثر”، وتذكر دائمًا:” أن الواثقين من أنفسهم يحققون نتائج طيبة”.
الكيف لا الكم
يركز “مدير الدقيقة الواحدة” على الكيف لا الكم، وعلى الجودة لا على العدد، وعلى القيمة؛ فالخدمة أو المنتج الذي لا يتضمن قيمة مضافة Competitive Advantage لن يجد من يشتريه، وقلما نجد في سوق العمل من ينافس بعدد ما يقدمه، بل الفكرة دائمًا في الكيف.
نصح مدير ناجح ذات يوم، رائد أعمال، بقوله: “تذكر أنَّ الكيف أهم جدًا من الكم فيما يتم إنجازه، وتظل الجودة دائمًا قبل كل شيء”، لكنَّ هذا لا يعني عدم أهمية الكم؛ فـ”الكفاءة” تعني الكم والكيف” معًا، و”إذا كنت ستحصل على سيارة بتقسيط طويل الأجل، فلا تشترِ سيارة قصيرة الأجل”، ومرة أخرى، يُعد الموظفين هم مفتاح حل هذا اللغز، فإذا أردت الجمع بين الكم والكيف معًا، فاعتمد على موظفين أكفاء؛ وذلك ينقلنا إلى النقطة التي تليها.
نتائج جيدة في وقت وجيز
يؤمن “مدير الدقيقة الواحدة” بأن 80 % من النتائج تحقق 20 % من الأهداف الهامة؛ ولذلك لا يركز بصره على النتائج، بل على الأهداف الهامة، التي تدفع بالمؤسسة قُدمًا؛ لذا فهو من يحدد لمرؤوسيه “مهام الدقيقة الواحدة”، والتي هي عبارة عن مهام مكتوبة في حدود 150 كلمة، يحتفظ الموظف والمدير بنسخة منها.
وهذه الطريقة تمكن المدراء من تحقيق ما يصبون إليه بشكل سريع، فليس من الصواب الانتظار طويلًا؛ حتى يحققوا ما يريدون.
ثناء الدقيقة الواحدة
يطبق مدراء الدقيقة الواحدة مبدأ: “ساعد العاملين تصل لأقصى طاقتهم، ذرهم يعملون شيئًا ما بإتقان حرفيًا”. إنهم يسعون إلى الثناء على موظفيهم، ومراقبتهم وهم يبدعون؛ إذ يؤمنون بأنَّ الثناء على الموظفين، وتأملهم أوقات إبداعهم ولفت أنظارهم إلى ذلك؛ هو الأسلوب الأمثل لإيصال هؤلاء الموظفين إلى طاقاتهم القصوى.
والملاحظ هنا، أن مدير الدقيقة الواحدة يتعمد مراقبة موظفيه وهم يعملون الشيء الجيد والصواب، وليس وهم يعملونه بشكل خاطئ؛ أي لا يترصدون أخطاءهم، بل يريدون الثناء عليهم، ولفت أنظارهم إلى مواطن الإبداع في أعمالهم، كما أن هذه المراقبة لا تتم إلا عند تولي مهام جديدة، أو البدء في مشروع جديد، أو إذا كنت موظفًا جديدًا لدى هذا المدير.
لوم الدقيقة الواحدة
لا يكتفي مدير الدقيقة الواحدة بالثناء فحسب؛ إذ لو فعل ذلك لجانبه الصواب، ولكنه يستخدم اللوم أحيانًا كوسيلة لتقويم موظفيه. عندما يرتكب موظف أحد الأخطاء، فإنه يجد فورًا مدير الدقيقة الواحدة فوق رأسه، أو يشعر بيده تُربِّت على كتفه، محددًا له الخطأ الذي وقع فيه، وتاركًا له الفرصة؛ ليشعر بالخطأ ومسؤوليته عنه.
إنَّ المدير البارع لا يترك الأمور تقف عند هذا الحد، بل يذكر الموظف المخطئ بتقديره له، ومجهوده وما يقدمه للعمل، ويساعده على تخطي هذا الخطأ، ومعالجة ما نتج عنه من سلبيات، وبسرعة، ثم ينسى الخطأ، ولا يعود لتأنيب موظفه مرة أخرى، بل ينتهي هذا من ذاكرته للأبد.