ترويج الاستثمار والأسواق المستهدفة
كتب - د. سامر إبراهيم المفلح
أشارت بيانات البنك المركزي الأردني إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر في الأردن تراجع بشكل ملحوظ في العام 2018 مقارنة بالعام 2017 إذ هبط بنسبة اقتربت من 53%، وبحسب البيانات فقد انخفضت الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى ما يقترب من 0.7 مليار دينار في العام 2018 مقارنة مع 1.44 مليار دينار في العام 2017.
وكما هو معروف فإن الاستثمار الأجنبي المباشر هو من أهم الأدوات التي يمكن التعويل عليها لتحقيق النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل للتقليل من البطالة، ولهذا فإن العديد من الدول تشرع في تأسيس مؤسسات تكون مهمتها الرئيسية الترويج للاستثمار فيها، من أجل الاستفادة من الميز التنافسية والنسبية ومختلف الخدمات والتسهيلات التي تقدمها للمستثمرين.
وتعمل الدول على التنافس فيما بينها على استقطاب الاستثمارات الأجنبية إذ يتواجد في معظم بلدان العالم اليوم مؤسسات متخصصة بالترويج للاستثمار، وتشير الرابطة العالمية لوكالات ترويج الاستثمار أنها تضم اليوم أعضاءً لأكثر من 170 مؤسسة معنية بتشجيع الاستثمار تنشط في 130 دولة حول العالم.
وفي الأردن ارتبط الترويج للاستثمار داخل المملكة تاريخيًا بمؤسسة تشجيع الاستثمار وبعض المؤسسات الأخرى، حيث تم العمل على توحيد منظومة الترويج للاستثمار الحكومية، وتم تشكيل هيئة الاستثمار في العام 2014 خليفة المؤسسات الثلاث السابقة وهي مديرية ترويج الصادرات التابعة للمؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية، وهيئة المناطق التنموية والحرة، ومؤسسة تشجيع الاستثمار.
وفي عالم الأعمال ومن أجل تحسين نتائج الحملات الترويجية التي تقوم بها الشركات فإنه من المهم جدًا أن يتم الاستهداف بشكل صحيح، إذ إن الحملات الترويجية الناجحة في العادة تلجأ إلى تجزئة السوق المتاح إلى قطاعات مختلفة "Market Segments " ومعرفة خصائص واحتياجات ومعدلات طلب العملاء في كل سوق، وبعدها استهداف الأسواق ذات الأهمية بناء على الخصائص والاهتمامات .
وذات المفهوم يمكن تطبيقه بشكل مشابه فيما يتعلق بتشجيع الاستثمار والترويج له على مستوى الدول، فيمكن العمل على استهداف المستثمرين المحتملين بحسب خصائصهم واهتمامهم بناء على البيانات الاقتصادية المتوفرة، بما يبني على الميز التنافسية التي تتمتع بها المملكة والأسواق المتاحة في مختلف القطاعات الاقتصادية.
وبالنظر إلى دول الجوار التي تحتل المراكز الأعلى استيرادًا للصادرات من المنتجات الوطنية الأردنية وبحسب بيانات العام 2017 كانت المملكة العربية السعودية في المرتبة الثانية من حيث استيراد المنتجات الوطنية الاردنية بعد الولايات المتحدة الأمريكية، بما مجموعه 572 مليون دينار، إذ تعد السعودية السوق الأول عربيًا للصادرات الأردنية، وجاء العراق في المرتبة الرابعة بعد الهند بما مجموعه 368 مليون دينار، والكويت في المرتبة الخامسة بما مجموعه 240 مليون دينار.
ويمكن العمل وبشكل جدي على استقطاب الاستثمارات الأجنبية من الدول التي تستورد المنتجات الوطنية, وأن يتم استهداف المستثمرين في ذات القطاعات التي تنتج المواد التي يتم استيرادها، خصوصًا أن هذه المنتجات والقطاعات أثبتت جدواها الاقتصادية بالنسبة للمستوردين ويوجد لها سوق في تلك الدول.
مع ازدياد معدلات البطالة إلى مستويات مرتفعة غير مسبوقة، وارتفاع نسبة الفقر المطلق إلى 15.7% بحسب التصريحات الحكومية الأخيرة، وتفاقم مشكلة المديونية بالتزامن مع ترشيد النفقات الحكومية الرأسمالية، وتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فإننا بحاجة ماسة إلى أساليب مبتكرة ونوعية في عمل المؤسسات المعنية بالشأن الاقتصادي، بما فيها طريقة الترويج للاستثمار الأجنبي المباشر إلى المملكة واستهداف المستثمرين المحتملين بشكل دقيق وعلمي يبني على البيانات الاقتصادية المتاحة.