إعادة بناء المشهد الريادي في العراق
باتريشا ليتايف، الشريكة في تأسيس «فايف وان لابس»، تناقش تحديات إعادة إنشاء منظومة ريادة الأعمال في العراق. البدايات يحاول العراق الآن النهوض بعد عقود من النزاعات المدمرة، ويشهد ولادة منظومة للشركات الناشئة.
تأسست «فايف وان لابس» في العراق لتصبح الحاضنة الأولى للشركات الناشئة في الدولة لمساعدة رواد الأعمال من اللاجئين والمتأثرين بالنزاعات على تأسيس أعمالهم في الشرق الأوسط، ما يعكس التقدم الذي تم إحرازه على هذا الصعيد. وتهدف الحاضنة، التي أقيمت في منطقة كردستان العراق، إلى تمكين الأفراد من إعادة بناء حياتهم والإسهام في النمو الاقتصادي لمجتمعاتهم. يُقدم لرواد الأعمال في «فايف وان لابس» التدريب والإرشاد على يد رواد أعمال على مستوى عالمي، ويحاطون بمجتمع من رواد التغيير المبدعين الذين يتشاركون تجاربهم معاً.
وتعليقًا على هذه المبادرة، تقول باتريشا ليتايف، الشريكة في تأسيس الحاضنة «ترمي رؤيتنا لإنشاء شبكة شمولية من المبتكرين ورواد الأعمال وتقديم الدعم والمهارات والعلاقات لهم لمساعدتهم على التأثير في مجتمعاتهم وبلدانهم بشكل إيجابي. وقد أدت النزاعات إلى تزعزع المنظومة، وكان هذا دافعنا الأساسي لإنشاء هذه المؤسسة.
مثلًا، تم تهجير أحد رواد الأعمال لدينا عدة مرات قبل وصوله لكردستان التي ارتاد فيها أربع جامعات مختلفة في أربع مدن قبل أن ينال شهادته». وأضافت «نحن نقدم المقدار الأدنى اللازم من الدعم خصوصًا للمهجرين الذين يفتقدون لشبكة محلية وليس لديهم رأسمال». خرّجت الحاضنة حتى الآن 11 شركة، منها مزرعة لألبان الجواميس، وشركة لتوفير خدمات مجالسة الأطفال، ومنصة تقنية طبية. تقول مديرة العمليات إنها تتطلع لضم عشر شركات جديدة في صيف 2019. مشهد مزدهر للشركات الناشئة على الرغم من أن بغداد عاصمة العراق تعاني النزاعات والحروب منذ أكثر من 10 سنوات، فانها أصبحت موطنًا للشركات الناشئة «المزدهرة» منذ سنوات، على حد قول ليتايف. وأضافت قائلة «إن مشهد الشركات الناشئة في أول عهده بالعراق لكنه يشهد اخيرا ازدهارًا واضحًا. هناك عدة شركات تقنية تدرّ دخلًا معقولًا، منها شركات توصيل المواد التموينية وتطبيقات النقل وفق الطلب، وكذلك شركات محلية على غرار شركة أمازون العالمية». كما أوضحت ليتايف أن «اهتمام الشباب بإنشاء شركاتهم الخاصة قد ازداد في آخر بضع سنوات بدعوى محدودية فرص العمل المتوافرة إثر الأزمة الاقتصادية. ما عاد الناس ينتظرون فرص العمل أن تأتي إليهم، بل صاروا يوجدونها بأنفسهم. من هذا المنطلق، فإن تزايد اهتمام كثير من الشباب بريادة الأعمال كان من حسن حظنا».
إلا أن ليتايف تقرّ بأن بيئة الأعمال «محفوفة بالتحديات حقًا» في العراق. وتأتي ملاحظتها هذه مدعومة بآخر تصنيفات سهولة ممارسة الأعمال الصادرة عن البنك الدولي، إذ حل العراق في آخر القوائم. وأكدت مديرة العمليات قائلة «إن البنى التحتية جيدة إلى حد ما، وهناك تغطية جيدة جدًا لتقنية «الجيل الثالث» عبر مختلف أنحاء البلاد، ما يساعد في ربط الناس بسهولة. ومن ناحية القدرة على توسعة العمليات، فإن الناس مستعدون لإنشاء الشركات. لكن هناك معيقات يفرضها القانون، منها على سبيل المثال غلاء تكلفة تسجيل شركة. كما يُطلب ممن ينشئ شركة أن تكون لديه مساحة مكتبية خاصة به ومحامٍ ومحاسب. الوصول للتمويل محدود جدًا وتفتقر الدولة لقانون للملكية الفكرية.
وأردفت قائلة «ليست البيئة في العراق جذابة لرواد الأعمال حاليًا، لكن هناك دعم كبير من البنك الدولي الذي يجري تقييمًا بهدف تقديم توصيات للحكومة ستساعد في إنشاء وتسجيل الشركات بسهولة أكبر». تجدر الإشارة إلى أن «فايف وان لابس» تستمد حاليًا تمويلها من المتبرعين، لكن ليتايف تأمل أن ترى استثمارًا من الشركات ورؤوس الأموال المغامرة مع الوقت. وأضافت قائلة «هناك عدة أسباب للاستثمار في الشركات الناشئة العراقية. فمن جهة، آن الأوان أن يُعاد إعمار الدولة، والاستثمار في الشركات الناشئة وسيلة ممتازة للإعمار ورد الجميل للوطن، وهذا يؤدي لتحقيق الأثر. كما أن هناك الكثير من الموهوبين والأذكياء الذين يأتون بأفكار رائعة، ومن وجهة نظري أن أفضل من سيقوم بإعمار العراق هم رواد الأعمال من أهلها. وأما بالنسبة للمهتمين بالأسواق عالية الخطورة، فهناك العديد من الفرص في العراق لأنها الآن حقل مفتوح».